02-08-2015, 04:16 PM
|
|
|
|
لوني المفضل
Crimson
|
رقم العضوية : 3 |
تاريخ التسجيل : Jan 2015 |
فترة الأقامة : 3581 يوم |
أخر زيارة : يوم أمس (11:14 PM) |
المشاركات :
1,917 [
+
]
|
التقييم :
10 |
بيانات اضافيه [
+
] |
|
|
|
الكابالا ( من حقك تعرف الدرس الثاني) مجرد من باب العلم بالشئ
منقول
الدرس الثاني
حواسنا الخمسة تعمل كعائق وتمنعنا من إدراك حقيقة الواقع الأبدية.
الوسيلة التي تدير حواسنا الخمسة تدعى - رغباتنا الأنانية.
من أجل معرفة حقيقة الواقع الذي يحيط بنا نحن بحاجة إلى تنمية حاسة جديدة بالإضافة إلى حواسنا الخمسة، ما يدعوه علماء الكابالا بالحاسة السادسة.
إن دافع الرغبة في الحصول على المتعة والمسرّة هو الحافز لجميع أفكارنا وسلوكنا.
إن تتطوّرنا بشكل فرديّ وتطوّر البشرية إجمالا ً محصور في ضمن خمس مجموعات من الرغبات:
١- الطعام، والجنس ، وإنشاء أسرة.
٢- تحصيل الثروة.
٣- الحصول على الشرف والعزّة والقوة.
٤- العلم والمعرفة.
٥- المعرفة الروحية.
الطبيعة البشرية هي الرغبة في الحصول والأخذ أي , رغباتنا الأنانية, وطبيعة الخالق هي الإرادة والرغبة في العطاء المطلق دون قيد أو شرط.
قانون التوازن والتوازن في السمات يَنصُّ على أننا خُلقنا من أجل الهدف بأن نصبح مُتماثلين مع سمات الخالق، أي في اكتساب صفة العطاء المطلق ومحبّة الآخرين.
في الدرس الأول أعطينا لمحة عامة عن ماهية وجوهرعلم الكابالا والمفهوم الصحيح لهذا العلم. وإذا كنت تذكر فقد شرحنا بأن علم الكابالا هو للشخص الذي يبحث عن جواب للسؤال "ما هو معنى حياتي؟"
والآن ومن هده النقطة دعونا نبدأ بتعريف لعلم الكابالا ولنحاول تحليل ودراسة هذا التعريف بتفصيل دقيق.
علم الكابالا أو علم حكمة الكابالا هو العلم الذي يتيح للإنسان معرفة ما وراء واقعنا المادّيّ وإيجاد هدفه في الحياة . وهذا البحث طبعا ً سيثير عدة أسئلة على سبيل المثال: ما هو جوهر الإنسان؟ ما معنى مصطلح "ما وراء الواقع؟" ما هو العالم الأعلى أو العالم الروحي؟ وكيف يمكن للشخص معرفته والشعور به.
إذا كنتم تذكرون نحن نظرنا في هذا المخطط من قبل ونعلم بأن حياتنا ووجودنا حَدثٌ في واقع كامل شامل وغير محدود, فيه كل عضو مرتبط تماما بالآخرين وكل واحد ممتلىء سرور لا نهائي ومعرفة تامة وعلى اتصال بكل شيء موجود في الواقع من حوله . ومع ذلك فإن علماء الكابالا والذين أحرزوا العالم الروحي يقولون لنا أنه لهدف معيّن نحن إنحدرنا من هذا المكان أي من هذا الواقع الكامل لوضعنا الحالي في وقتنا الحاضر من خلال نظام يدعى " العوالم ". إن المعنى الجذري لكلمة "عالم" في لغتها الأصلية تعني "الاختفاء".
نحن إنحدرنا من مستوىً كنا فيه مترابطين معًا ومع الواقع , حتى وصلنا إلى مكان يدعى الفاصل أو الحاجز، مما أدى إلى تحديد وحصر وجودنا في هذا العالم الذي نعيش فيه .عالمنا هو المكان الذي لا يوجد لنا فيه إدراك أو إحساس على الإطلاق للعوالم الأخرى ولا للعالم الروحي وهذا ما يُعتبر عالم مادّيّ.
إذا كنت تريد أن تعرف هدف الحياة في هذا العالم ومعنى لحياتك أنت، فإنه من الحسن طبعا ً معرفة الرسم البياني للوجود حتى نصل إلى ما نريد معرفته. هذا يبدو وكأنه أمر مستحيل ولكن لا داعي لليأس، فإنه يتوجب علينا تحديد نقطة البداية, فمن هذه النقطة شرع علماء الكابالا في بحثهم. فهؤلاء الذين أحرزوا الواقع بكلّيّته أي عالمنا هذا والعالم الأعلى يقولون لنا بأن هناك - رسم بياني - للوجود بكامله وللخليقة بكاملها. يقولون لنا أن هدف الخالق من هذه الحياة هو خلق مخلوق وإغداق السرور والبهجة على هذا المخلوق "الإنسان" من دون حدود. هذا هو المعنى والهدف الكامل والشامل لهذا الوجود ، وهذه هي النيّة والقصد وراء إدارة العالم وكل ما يحدث فيه الآن وفي المستقبل . فإن كل القوانين الرئيسية التي تحكم العالم الروحي والعالم المادّيّ الذي نعيش فيه, جذورها كلها متأصّلة في هذا الفكر. فلا يأخذ أي حدث مجراه إلا لهذا الغرض بالتحديد أي أنه نابع من هذا الفكر، ومن هذه النيّة.
السؤال الذي يراودنا هنا هو: ما هو جوهر الإنسان؟ ما الذي يمنع الإنسان من دخول العالم الروحي؟
يجب علينا أن نفهم ما هو واقع إدراكنا الحسّيّ أي الطريقة التي بواسطتها ندرك الواقع من حولنا , والتي من خلالها يبدو وكأن واقعنا ضيّق ومحدود وهناك الكثير من الواقع من حولنا لا يزال مخفيّ عن إدراكنا, لماذا؟
إذا أتينا بصندوق وجعلنا فيه خمس فتحات, كما الصندوق في الفتحات الموجودة فيه كذلك الإنسان بحواسه الخمسة . البيئة التي تحيط بالإنسان هي الواقع بكل أشكاله أي حقيقة العالم الروحي والعالم المادّيّ الذي نحن فيه, بكامة أخرى إن الواقع الكامل هو العالم المرئي والعالم اللا مرئي معا ً . ولكن في عالمنا هذا نحن فقط قادرين على إدراك العالم من خلال حواسنا الخمسة ولذلك نحن نرى جزء فقط من الواقع ككل. فإن قدرة حواسنا لا تتجاوز عالمنا المادّيّ هذا.
إن كل ما يأتي من العالم الروحي لا تستطيع دخول هذا الصندوق أي الإنسان لأن النظام الذي يعمل الإنسان من خلاله هو نظام مغلق ، أي ان حواسنا الخمسة تعمل فقط في عالمنا المادّيّ, فإن كنا لا نرى أو نلمس الأشياء من حولنا ولو حتى المعلومات إن لم نجد صلتها إلى الأشياء المحسوسة لدينا فإنه يصعب علينا إدراكها والتجاوب أو التفاعل معها . فإن كل ما يتوافق مع قدرة حواسنا نستطيع أن نفهمه. فالمعرفة الحسّيّة للأشياء أو المعرفة المجردة يجب أن تمرّ عبر هذا النظام الذي هو حواسنا للتحليل والتفسير حسب المبدأ والقاعدة التي يسير هذا النظام من خلالها حتى نتمكّن من فهم ما يدور حولنا وبالتالي فهم الواقع الذي يحيط بنا, فهذه هي الطريقة التي ندرك بها الواقع.
ما هو هذا النظام الذي يتحكّم في كيفيّة إدراكنا للواقع من حولنا ؟ هذا هو ما يدعى الواقع بصفته الموضوعيّة ، وهذا هو الجزء الصغير الذي يمكننا إدراكه . أما النظام فهو " الأنا " أي حبّ الذات . فإن كل ما يصادفنا في واقعنا نحن نتعامل معه من خلال " الأنا " فينا , أي كيف أستفيد من هذا الأمر أو هذا الشيء وما مدى تأثيره عليّ. وبالتيجة " الأنا " التي فيّ حددّت الإطار من حولي والذي أنا حبيس بداخله ولا يمكنني تجاوزه لآن كل إهتمامي هو مركز وعلى ذاتي . ففي أي مرحلة من عمل هذا النظام التركيز دائما ً موضوع وموجه إلى داخل الإنسان مما يُفقده القدرة على إدراك الواقع المحيط به والخارج عن كيانه.
المشكلة لدينا هي أن كل حاسة من حواسنا الخمسة تعمل بالضبط بنفس الطريقة وطبقا ً للنظام نفسه . أي أن الكل يعمل مركزا ً على " الأنا " في داخلنا ولا يُعلمنا عن أي شيء موجود خارج هذا الصندوق أي خارج الإنسان.
من أجل معرفة محيطنا وحقيقة الواقع الكامل أي الواقع بكل ما يتضمنه الوجود وليس عالمنا المادّيّ فقط , نحن بحاجة إلى تنمية حاسة إضافية ، والتي يدعوها علماء الكابالا " بالحاسة السادسة ". هنا أريد ان أوضح ما يقصده علماء الكابالا بالحاسة السادسة , فأنا لا أتكلم عن ما يُطلق عليه إسم الحاسة السادسة من قبل هؤلاء اللذين يمارسون التنجيم والتبصير وما يتعلق بكل هذه الأمور , ولكن المقصود هنا هو حاسة تمكنك من خلالها أن تخلق نوعية من الأتصال مع ما هو خارج الصندوق وخارج نطاق حواسك الخمسة , اي كالهوائي للتلفاز - فإنك تضع الهوائي أو " الأنتين " على السطح - اي خارج الصندوق لكي يكون بإمكانك استقبال الموجات الهوائية لإلتقاط المحطة وبالتالي لترى ما يدور في العالم من حولك , وهكذا الأمر بالنسبة للحاسة السادسة في علم الكابالا.
ولكي نتمكن من فعل ذلك ، يجب أن تكون لديك الحاجة إلى معرفة ما يدور خارج الصندوق أي خارج إطار إدراكك المادّيّ للأمور والعالم من حولك . فمن دون الشعور والرغبة في معرفة ما يدور حولك ستبقى مكتفيا ً بنظام "الأنا " في إدارة حياتك . فإن من الرغبة في معرفة الوجود تراودنا أسئلة مثل : ما هو معنى حياتي ؟ لماذا أنا هنا في هذا العالم ؟ ما هو الهدف الذي وضعني الخالق من أجله هنا في هذا العالم؟
لما خلق الخالق العالم بنى الخليقة على القوانين التي تعمل على إعطاء ومنح الإنسان السعادة والإكتفاء التام بالعيش. وهناك قوة وُجِدت من أجل دفعنا وحثنا نحو الرغبة في الإحساس بالحاجة إلى الخروج من الصندوق أي خارج إطار حواسنا . إذا كنا نعي ونفهم صيغة تكويننا وما هو جوهر الإنسان أي فهم " الأنا أو الإرادة للاخذ أو التحصيل للذات " - كما ذكرنا منذ قليل :" ما الفائدة التي أجنيها لنفسي " ؟ - عندها أستطيع أن أخرج من هذا الصندوق المغلق وأعرف الواقع الكامل والوجود في كل مراحله بصورة تامة , وأستطيع إيجاد معنى وهدف حياتي وإيجاد معنى الإكتفاء والسعادة الأبدية . بطبيعتنا نحن خُلقنا أنانيين ، ولكن لا بأس بهذا - فهذه هي حقيقة
" الأنا " في داخلنا , وفي الواقع هذه "الأنا " هي ما نحتاج إليها من أجل الوصل إلى هدفنا ، كل ما علينا هو أن نتعلم كيفية استخدامها ، وكيفية الاستفادة منها ، وكيفية تسخير قوتها لتخدمنا في تنمية الحاسة السادسة التي نحن بحاجة لها الإكتفاء التام في هذه الحياة .
الحاجة هي الدافع الذي نتحرك من خلاله في الواقع ؟ لا شيء ولا أحد يفعل أي شيء في هذا العالم سواء كانت أفعال مادّيّة أو جسدية أو روحية من دون الحاجة التي تدفعه للقيام بهذا العمل . لنقول على سبيل المثال أنك كنت جالسا على كرسيك المفضل , مرتاح وتشاهد برنامجك المفضل , أنت تشعر بلذة الراحة ومتعة الجو الذي أنت فيه , فجأة شعرت بالعطش ولكنك لا تريد ترك مكانك والإبتعاد عن المتعة التي أنت فيها , ولكن بزيادة عطشك هذا الشيء الوحيد الذي سيدفعك للقيام لقضاء حاجتك . إذا ً إن النقص الذي شعرت به والرغبة في سدّ هذا النقص كان الدافع الذي جعلك تترك شعور اللذة الذي كنت تتمتع به لتسعى وراء لذة أخرى تملأ إحتياجا ً أكبر . هذا بالضبط ما نتكلم عنه هنا فالشعور لملء النقص أي الحاجة هو الدافع الذي يُحرك كل شيء في الواقع من حولنا . وهو الشعور الذي سيجعلك ترغب في الخروج من الصندوق لترى ليس فقط العالم المادّيّ والواقع الجزئي للعالم الذي تعيش فيه بل لترى العالم على صورته الكاملة بواقعه الشامل والذي يتضمن العالم المادّيّ والروحي على حد سواء.
كلنا نشعر برغبات في داخلنا ونشعر أيضا ً بتغيرها لكن في الحقيقة لا نُعير لها أي إهتمام ولا لهذا النظام الذي يُسير حياتنا . فالرغبة تنمو في مراحل ومستويات وفي كل مرحلة لها نوعيتها الخاصة . سأحاول بإختصار أن أشرح نوعية الرغبة في كل مرحلة من مراحلها: ففي البداية تنمو الرغبة داخل الرغبات الجسدية , مُركزة ً على حاجات الجسد مثل السعي وراء الطعام والجنس وبناء الأسرة . هذه هي حاجات ألجسد هنا . فالرغبات الجسدية هي المرحلة الأولى وهي أيضا ً الأولى في النمو منذ بداية أجيال الإنسانية . بعدها ظهرت الحاجة أو الرغبة في الغنى وتحصيل الثروة وأخذت هذه الرغبة بالنمو ولكن بعد الوصول وتحقيق المستوى المرغوب فيه, ظهرت رغبة أخرى لتحلّ مكانها وهي الرغبة في الحصول على التكريم من المجتمع ونيل إحترام الآخرين وهذا تجسّد في شكل السعي وراء النفوذ والسلطة . في هذه النقطة نرى كيف تطوّرت هذه الرغبة في الإنسان . فهؤلاء اللذين كانوا يركزون على الرغبات الجسدية , أخذوا يسعون وراء الغنى . واللذين لديهم الرغبة في الغنى أخذوا يسعون وراء تحصيل الشرف والنفوذ والقوة . بعد هذا ظهرت الرغبة للمعرفة . المعرفة العلمية في كل مجالاتها من الطب والهندسة إلى علم البحار وعلم الفضاء وأخذ الناس في السعي وراء المعرفة على أمل أن يستطيعوا تحصيل السعادة ويشعروا بإكتفاء ورضا.
فالمعرفة هي التي تحدّد لنا العالم المادّيّ وأن كل الرغبات التي ورد ذكرها حتى الآن هي وسيلة نحصل من خلالها على المتعة , فإن هذا ما نريده وما نسعى إليه لأننا نظنّ أن هذا سيرضينا . فالمعرفة أصبحت عندنا وكأنها قمة الهرم وذروة ما نعتبره الإنجاز العظيم الذي من الممكن للإنسانية تحقيقه . ولكن الحقيقة إن أي شخص يخوض بجديّة في أعماق هذه الرغبة الكبيرة جدا محاولا ً ملئها فإنه يكتشف أخيرا ً أنها رغبة فارغة , وأن في المعرفة لا يوجد أجوبة للأسباب الحقيقية للأشياء وما يحدث حولنا.
بعد أن يبحث الإنسان في كل أنواع المعرفة التي في متناوله فإنه يُدرك حقا ً أن المعرفة لا تستطيع ان تملأ
رغبته وإعطائِه الجواب الكامل والمقنع لما يبحث عنه , في هذه الحالة يكون قد حاول إشباع رغبته ولكن بحثه لم يُعطيه النتيجة التي كان يرغب بها . فعندما يصل الإنسان إلى هذه المرحلة يشعر بالفراغ , وفي سعيه في محاولة ملء هذا الفراغ ، شيء مختلف جدا يحدث - الشعور برغبة جديدة أخذت تنشأ في داخله - ولكن هذه الرغبة ليست برغبة عالمية . بل هي رغبة على مستوى نمو يختلف عنما سبق ورأيناه في الرغبات الأخرى.
هذه الرغبة في داخلنا تظهر وكأنها نقطة صغيرة جدا ً ولهذا أطلق عليها علماء الكابالا أسم أو مصطلح " النقطة في القلب". هذه النقطة في القلب هي جزء من واقع أكبر من الذي حولنا. هي جزءٌ يحمل سمة روحية في تركيبته , وهذا يعني ان إذا إمتلئت هذه الرغبة إلى درجة الإشباع ، فهي على خلاف الرغبات السابقة ، تنمو بإستمرار حتى تملئنا بالكامل وتملأ الوجود كله من حولنا لتأتي بنا إلى العالم الروحي.
فما هو إذا ً الواقع الشامل ؟ إن علماء الكابالا الذين أحرزوا الواقع بكامله يقولون لنا أن الواقع يتكون من صفة خاصة . يقولون لنا بأننا خلقنا بسمات معاكسة تماما ً للسمات الموجودة في العالم الأعلى ولهذا السبب نجده من الصعب إدراك العالم الأعلى والواقع الشامل بكامله وعلى صورته الحقيقية . فإذا نظرنا إلى داخل الصندوق فكما نرى انه يبدو وكأن لا يوجد شيء هناك على الإطلاق. ولكن نحن نعلم أن من كل ما سبق ذكره أن جوهر الإنسان هو " الأنا " او " الرغبة الأنانية " أي الرغبة في إشباع الذات, هذا ما يوجد داخل الصندوق.
هذه الرغبة أو " الأنا " تُضّيق وتحدّد منظورنا للحياة وتجعلنا في وضع يفرض علينا المعاناة والعزلة ومواجهة جميع الأمور والأشياء التي نجدها صعبة في الحياة . الموجود خارج هذا الصندوق أي خارج " الأنا " لدى الإنسان والغير خاضع لها ولا لتأثيرها ولا حتى مُشابه لها ولا في أي شكل من أشكالها هو " الرغبة في العطاء". هذه الرغبة هي محبّة كاملة وعطاء غير محدود ولا مشروط . بكلمة أخرى ما يوجد خارج الصندوق هو وجود غير محدود ، ولا حدود له في إغداق السرور والبهجة . والسبب بأننا لا نرى ونشعر بهذا هو فقداننا للوسيلة التي من خلالها نستطيع إيجاد الإتصال بهذا الواقع الأعلى وتلقي كل ما هو جيد .
بناءً على هذا نحن نرى الإختلاف الكبير في جوهرنا أي " الأنا " والتي يتركّز إهتمامها بشكل كليّ على صفة الأخذ لإشباع الذات , وبين صفة العالم الروحي أي صفة المحبّة الكاملة والعطاء المطلق . فلا يوجد بين هاتين الرغبتين أي نوع من التشابه وبالتالي هذا يمنع أي أنواع التقارب بينهما . كالزيت والماء , كلنا نعلم أن الزيت والماء لا يختلطان , حتى ولو وضعهم في إناء واحد فلا نستطيع القول بأنهما متقاربين , فهما مادتين مختلفتين تماما ً في النوعية والتركيب واللون والنكهة وفي كل شيء آخر. وهكذا الأمر فيما يتعلق بالفرق بيننا وبين سمات العالم الروحي.
فما هو الحلّ إذا ً حتى نستطيع تجاوز هذا الإختلاف ؟ وما الذي نستطيع عمله ؟ إن الحلّ الوحيد أمامنا لإنشاء أي نوع من التواصل بيننا وبين العالم الروحي هو تغيير سماتنا وصفاتنا نحن لتصبح على درجة من التوازن مع تلك التي للعالم الروحي . أي تغيير الرغبة الأنانية فيّ من حبّ الذات والعمل على الحصول على كل شيء على حساب الآخرين إلى الرغبة في محبّة الآخرين والعطاء من دون مقابل وعمل الخير بدافع العطاء وليس بدافع أني أعمله من أجل أن اشعر بأنني إنسان جيد . هذا التغيير مبني على قانون " التوازن الشكلي " بمعنى أن الرغبة التي خلقها الخالق وهي " المخلوق " أو " المادة " التي كُونت منها الخليقة . هذه الرغبة لا يمكن إشباعها بشكلها البدائي لأن وفي اللحظة التي يمتلئ فيها الإنسان بالبهجة والسرور يتلاشى هذا السرور ويسعى الإنسان من جديد وراء أشياء أخرى وهكذا هو في دوامة لا نهاية لها . ولكن إذا أراد الإنسان أن يحصل على البهجة والسرور الدائم فيجب عليه أن يقوم بتصحيح ذاته . عملية التصحيح هذه هي إستبدال الصفات الأنانية بصفات الخالق الحسنة والحميدة من محبّة وعطاء . حالة توازن هذه الرغبة في صفاتها وسماتها مع سمات الخالق ما يُدعى بالتوازن الشكلي.
في حقيقة الواقع لا يوجد في الكون إلاّ الخالق والمخلوق , وأن كل ما نراه وندركه هو نفسنا والخالق . الخالق من فوق والمخلوق من الأسفل أي من العالم . وإن سمات الخالق هي المحبّة والعطاء ؛ والمخلوق هو الأنا أي حبّ الذات . هذا هو كل ما في الوجود . والخروج من الصندوق يعني العيش في العالم الروحي . والعيش بالعالم الروحي معناه تغيير طبيعتنا الأنانية وتحويلها إلى طبيعة وصفات الخالق الخيرة والحميدة وعلم الكابالا يبحث في كيفيّة التفاصيل بكل أنواعها ودرجاتها ليصل الإنسان إلى هدفه في هذه الحياة ويجد معنى لوجوده هنا في هذا العالم.
|